
الرئيس ميقاتي: سنراقب عمل الحكومة الجديدة ونأمل أن تواصل العمل وفق الأسس التي أرسيناها
الجمعة، ١٤ شباط، ٢٠٢٥
أبدى الرئيس نجيب ميقاتي تفاؤله "أنه بقيادة الرئيس جوزاف عون، سيصار الى إحراز تقدم على صعيد تعزيز دور القضاء والجيش والقوى الأمنية والإدارات العامة لاستعادة ثقة اللبنانيين بمؤسساتهم".
وشدد على "أننا سنراقب عمل الحكومة الجديدة عن كثب، ونأمل أن تواصل العمل وفق الأسس التي أرسيناها". واعتبر "أن لبنان قادر بدعم المجتمع الدولي المستمر، على الخروج من الأزمات التي يعاني منها أقوى وأكثر اتحاداً، وأن المستقبل سيكون أكثر إشراقاً".
مواقف الرئيس ميقاتي وردت في كلمته اليوم أمام "مؤتمر ميونخ للأمن" المنعقد في دورته الواحدة والستين في ألمانيا،حيث عرض للتحديات الكثيرة التي واجهت لبنان في خلال توليه رئاسة الحكومة على مدى أكثر من ثلاث سنوات.
وقال: بصفتي رئيساً سابقاً للحكومة، أحدثكم عن تجربتي، حيث واجه لبنان تحديات لا تعد ولا تحصى، ولكن صمودنا لم يتراجع أبداً، ورغم الشدائد، بقينا نعمل يداً واحدة. وأبرز هذه التحديات عدم الإستقرار السياسي والأزمات الإقتصادية التي عصفت ببلدنا والصراعات الإقليمية التي واجهنا تداعياتها وانعكاساتها على أرضنا. وكانت هذه المرحلة حافلة بعدم الإستقرار لا سيما في ظل شغور في منصب رئاسة الجمهورية وقيام الحكومة التي رأستها بتصريف الأعمال لفترة طويلة. وعلى رغم الإنكماش الإقتصادي الحاد الذي سبق تولي حكومتنا المسؤولية، اتخذنا سلسلة خطوات حاسمة لتحقيق الإستقرار الاقتصادي، حيث أوقفنا سياسة الدعم، وخفّضنا الإنفاق العام، وثبّتنا استقرار سعر صرف الليرة. وقد ساعدت هذه الإجراءات في تخفيف بعض الأعباء المالية عن كاهل اللبنانيين، مما أدى الى فائض في الموازنة وفي ميزان المدفوعات والى زيادة في احتياطي مصرف لبنان.
أضاف: إن التحديات التي واجهتنا لم تكن اقتصادية فقط، ففي العام الفائت، تعرّض لبنان لعدوان إسرائيلي مدمّر تسبب بدمار كبير في الجنوب والعديد من المناطق اللبنانية وبسقوط أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى وبتشريد حوالى ثلث السكان.
وقال: نحن ممتنّون للولايات المتحدة وفرنسا لجهودهما في تأمين وقف إطلاق النار ، ونأمل أن يؤدي ذلك إلى انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية، وعدم استمرار احتلال أي بقعة في الجنوب، وإن لبنان ملتزم بالعمل مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين لحل النقاط الخلافية على الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة عند الحدود وتطبيق القرار 1701 بحرفيته، وندعو في المقابل الى إلزام إسرائيل بتنفيذه.
وتابع: لقد كان دعم المجتمع الدولي للبنان خلال فترة الأزمة أساسياً، ولكننا في حاجة إلى جهود مستمرة ومنسّقة لمساعدة لبنان على الإستقرار وإعادة البناء. وينبغي أن يكون هذا الدعم شفافاً ويضمن التخصيص المناسب للموارد. في أثناء الحرب، أنشأنا وحدة الإستجابة للطوارئ، التي قامت بتنسيق المساعدات وسمحت للمانحين بتتبع مساهماتهم. ونعتقد أنه ينبغي تطبيق هذه الآلية على مرحلتي التعافي وإعادة الإعمار أيضاً.
وقال: لا يزال لبنان في حاجة إلى مساعدة خارجية لدعم الخدمات والتقديمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية. تتطلب "الإستراتيجية الوطنية للحماية الإجتماعية" التي أطلقناها قبل عام التمويل اللازم لدعم الفئات السكانية الأكثر ضعفاً.
وهناك أيضاً حاجة ماسة للمساعدات المخصصة لتعزيز المؤسسات المحلية ووضع أسس النمو والإستقرار الإقتصادي على المدى الطويل.
وتناول ملف النازحين السوريين فقال: لقد استضاف لبنان أكثر من 1.5 مليون نازح سوري، لكن العبء على بنيتنا التحتية ومجتمعنا كلّف ما يقدر بنحو 100 مليار دولار أميركي داعياً المجتمع الدولي الى مساعدة البلدين من أجل العودة السريعة.
وقال: يجب على القوى السياسية في لبنان أن تلتزم بالعمل معاً من أجل مستقبل وطننا. ويتعين أيضاً وضع المصالح السياسية الداخلية جانباً والتركيز على الإصلاح المؤسسي، وخاصة الشفافية والمساءلة والعدالة. إن تعزيز دور القضاء والجيش والقوى الأمنية والإدارات العامة أمر بالغ الأهمية لاستعادة ثقة اللبنانيين بمؤسساتهم، وأنا متفائل بأننا بقيادة الرئيس جوزاف عون سنحرز تقدماً في هذا المجال.
وقال: إن التنوع الثقافي والديني في لبنان هو حجر الزاوية في هويتنا، ونحن لا نزال ملتزمين تماماً بالحفاظ عليها. لقد كانت تعدديتنا دائماً مصدر قوة، ونموذجاً للتعايش في الشرق الأوسط برمته. وكما قال البابا يوحنا بولس الثاني ذات مرة، "لبنان أكثر من وطن، إنه رسالة أمل وسلام وتعايش". وسنواصل حماية تراثنا الثقافي الغني وسنظل منارة للتسامح والحوار والسلام بين كل المجتمعات.
وتوجّه الى المشاركين في المؤتمر بالقول: لبنان ملتزم بسلوك طريق التعافي، ولكننا بحاجة إلى الدعم المستمر والشراكة من المجتمع الدولي، بحيث يمكننا معاً التغلّب على التحديات المقبلة وبناء مستقبل أكثر إشراقًا واستقرارًا للبنان.
وقال: لا يمكننا أن نسمح بتفويت فرصة إعادة بناء الدولة اللبنانية الحديثة. إننا سنراقب عمل الحكومة الجديدة عن كثب، ونأمل أن تواصل العمل وفق الأسس التي أرسيناها. وأنا واثق أنه، بدعمكم المستمر، فإن لبنان قادر على الخروج من هذه الأزمات أقوى وأكثر اتحاداً وأن المستقبل سيكون أكثر إشراقاً. إنني أدعوكم جميعا إلى الإستمرار في التعاون مع لبنان لنعمل معاً نحو بناء غد أفضل.
وفي ختام كلمته إستذكر الرئيس ميقاتي الرئيس رفيق الحريري في الذكرى العشرين لاستشهاده، مشيداً بدوره الوطني الجامع للمكونات الوطنية كافة".